الشر ما لا يلائم طبيعة الإنسان، بحيث يحصل له به أذية أو ضرر، هذا الشر.
هذه المشكلة العويصة ألهبتْ فكر الإنسان منذ فجر الإنسانية، ورمته بين أنياب الصراع، تعتصره الهواجس، وتُحطِّمه الشكوك والظنون، وهو حائر حائر، لا يجد لنفسه دليلاً ولا مرشدًا.
فالآن كون الله عز وجل يظهر الفساد أو كون الفساد يظهر وهو بتقدير الله عز وجل في البر والبحر، هل فيه حكمة ولا لا؟ فيه حكمة، هو نفسه شر، لكن لحكمة عظيمة بها يكون تقديره خيراً.
كيف يجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم : ( أن تؤ... - الالباني
فالمقدور الكوني : إذا قدر الله عليك مكروهاً، فإنك رضيت أو ما رضيت، لا بد أن يقع.
.. وخير للمجتمع، لأن تلك الحقيقة بما لها من حواس روحية إنما هي كائن حي، يقوم في قيم الحق وأفق الصفات، على ما يقوم به شخصنا الحسي في قيم المادة، وأفق الاقتصاد... فإذا كان شخصنا الحسي ـ بما له من جوارح ومواهب عادية ـ هو عدتنا في الإنتاج الاقتصادي... فهذا الكائن المعنوي ـ بما قرر له القرآن الكريم من حواس وملكات للوعي الروحي ـ هو لا غيره، عدتنا في إنتاج مثل الحق، وإبداع القيم العليا، التي لا قيام لمجتمع ما بدونها.
وتلك الدلالة الأخيرة لا تدرك بانفعال غريزة، ولا بمجرد المشاهدة، بل بالتأمل في قدر صنعة الصانع، وما تتضمنه من آثار حكمته، وقدرته، وعلمه، وفضله، ورحمته، وكرمه ووده، وعدله، وإحسانه... ونحوه...
إن كان أمرا إن كان طاعة لله وجب الرضى به، إن كان معصية وجب سخطه وكراهته ومحاربته والقضاء عليه، كما قال الله عز وجل : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ أما القضاء الكوني فكل أحد رضي أو ما رضي لا بد أن يقع. طيب.
فهذا (الخير ) الذي شرط الله أن يعلمه في القلوب، ليس مالاً يُحاز، ولا عَرَضاً يقتنى، إنما هو خصائص، ونيّات، وصفات مما ينشئه الإيمان في القلوب.
"إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةِ وَشَر فَجاءَنا اللَّهُ بِهذا الْخَيْرِ ِفَهَلْ بَعْدَ هَذا الخَيْر َمِنْ شَرٍ? قَالَ: «نَعَمْ» وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّر مِنْ خَيْر? قَالَ: «نَعَمْ وفيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهً?
ولعل رجالا صالحين من أخفياء أهل السودان برزوا للناس في صورة شعراء كانوا قد أطلقوا إشارات لمثل هذا المعاني منهم محمد المهدي المجذوب الذي قال:
فمن استقام مع إلهام روح الخير فيه، فهو المتقي... ومن استجاب لإيحاء غرائز الضعف فيه فهو الضال عن سواء التقوى...
مسجد حديث بطابع تراثي الخير في عطف الشر يفتح أبوابه للمصلين بقرية ميرني في تتارستان
ففي هذه الآية الكريمة بين الله عز وجل ما حدث وسببه والحكمة منه أو الغاية.